على مدى قرون، تمكنت القوى الأوروبية من السيطرة على معظم مناطق العالم، ناشرة نفوذها في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومع ذلك، فإن التاريخ يذكر أن هناك عددًا قليلًا من الدول التي استطاعت الحفاظ على استقلالها رغم كل محاولات الاستعمار، بفضل قوتها السياسية، وجغرافيتها الصعبة، أو مهاراتها الدبلوماسية، فيما يلي نظرة على أبرز 10 دول لم تخضع يومًا للاستعمار الأوروبي حتى عام 2025.
أفضل 10 دول لم تخضع أبدًا للاستعمار الأوروبي
1. بوتان
تقع مملكة بوتان الصغيرة في جبال الهيمالايا بين الهند والصين، واستطاعت أن تحافظ على استقلالها منذ تأسيسها عام 1634 بعد انفصالها عن التبت، حاول البريطانيون إخضاعها عدة مرات خلال القرن التاسع عشر، أبرزها في حرب الدوار عام 1865، لكن المملكة تمكنت من الحفاظ على سيادتها الداخلية. ومع توقيع معاهدة فونخا عام 1910، تم الاعتراف رسميًا باستقلالها، حيث تولّت بريطانيا شؤونها الخارجية دون التدخل في شؤونها الداخلية — وهو اتفاق استمر حتى استقلال الهند عام 1947.

2. إيران (بلاد فارس)
رغم النفوذ البريطاني والروسي الكبير على شؤونها الاقتصادية والسياسية، فإن إيران لم تُحتل رسميًا أبدًا. خلال القرن التاسع عشر، منح الشاه امتيازات تجارية للبريطانيين، ما أثار احتجاجات داخلية كبرى مثل ثورة التبغ والثورة الدستورية الفارسية عام 1906 التي أنشأت أول برلمان في البلاد. وفي القرن العشرين، زادت الضغوط الغربية بعد تأميم النفط بقيادة محمد مصدق عام 1951، وانتهت بانقلاب مدعوم من وكالة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، لكن رغم ذلك احتفظت إيران باستقلالها السياسي الكامل.
3. نيبال
الطبيعة الجبلية الوعرة لنيبال كانت درعها الحصين ضد الاستعمار. فخلال الحرب الأنجلو-نيبالية (1814–1816)، خاضت بريطانيا معارك قاسية انتهت بمعاهدة سوجولي، التي سمحت بالحفاظ على سيادة نيبال رغم فقدانها بعض الأراضي. كما نالت نيبال احترام البريطانيين بفضل شجاعة جنودها من الغوركا، الذين أصبحوا جزءًا أساسيًا من الجيش البريطاني لاحقًا، دون أن تُفقد بلادهم استقلالها.
4. الصين
رغم الضغوط الأوروبية الهائلة والحروب مثل حروب الأفيون في القرن التاسع عشر، إلا أن الصين لم تُستعمر بالكامل. صحيح أن القوى الغربية أجبرت بكين على توقيع معاهدات غير متكافئة وتنازلت عن أراضٍ مثل هونغ كونغ، إلا أن حجم الصين وثقافتها العريقة ونظامها السياسي المتماسك مكنها من البقاء كدولة مستقلة ذات سيادة.
5. اليابان
اتبعت اليابان سياسة العزلة المعروفة باسم “ساكوكو” بين عامي 1633 و1853، ما منع القوى الأوروبية من الوصول إليها. لكن مع وصول السفن الأمريكية بقيادة القائد ماثيو بيري عام 1853، اضطرت اليابان لفتح موانئها، إلا أنها اختارت طريق الإصلاح السريع والتحديث خلال فترة ميجي (ابتداءً من 1868). وبفضل هذا التحول، أصبحت اليابان قوة صناعية وعسكرية عظمى بدلًا من أن تكون ضحية للاستعمار.
6. كوريا
رغم عدم خضوعها للاستعمار الأوروبي، إلا أن كوريا سقطت تحت الاحتلال الياباني عام 1910 واستمرت معاناتها لمدة 35 عامًا. لكنها استعادت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، حين قُسمت إلى كوريا الشمالية والجنوبية. وخلال كل محاولات السيطرة الغربية في المنطقة، ظلت كوريا بعيدة عن النفوذ الأوروبي المباشر.
7. أفغانستان
تُعد أفغانستان من أكثر الدول التي قاومت الغزاة عبر التاريخ. خاضت ثلاث حروب ضد بريطانيا خلال القرن التاسع عشر فيما يُعرف بـ الحروب الأنجلو-أفغانية، ولم تنجح بريطانيا في فرض سيطرتها عليها رغم احتلالها المؤقت لبعض المدن. وفي عام 1919، حصلت كابول على التحكم الكامل في سياستها الخارجية بعد الحرب الثالثة. وحتى في مواجهة الاتحاد السوفيتي (1979–1989) والولايات المتحدة (2001–2021)، ظلت أفغانستان رمزًا للمقاومة والاستقلال.
8. إثيوبيا
إثيوبيا هي الدولة الإفريقية الوحيدة التي لم تُستعمر بالكامل من قبل الأوروبيين. خلال الحرب الإيطالية-الإثيوبية الأولى (1895–1896)، تمكن الإمبراطور منليك الثاني من هزيمة الجيش الإيطالي في معركة عدوة، ما جعلها رمزًا للمقاومة الإفريقية. ورغم احتلالها المؤقت من قبل إيطاليا بين عامي 1936 و1941، استعادت استقلالها بمساعدة الحلفاء، وظلت مثالًا للصمود ضد الاستعمار.
9. المملكة العربية السعودية
قبل توحيدها عام 1932، كانت شبه الجزيرة العربية تحت نفوذ الدولة العثمانية. وخلال الحرب العالمية الأولى، عقدت بريطانيا معاهدة دارين (1915) مع الملك عبد العزيز آل سعود، لتصبح أراضيه محمية بريطانية اسمًا فقط، دون تدخل فعلي في شؤون الحكم. ومع اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، أصبحت السعودية قوة اقتصادية وسياسية مستقلة ذات علاقات استراتيجية مع الغرب، دون أن تخضع للاستعمار الأوروبي مطلقًا.
10. تايلاند (سيام سابقًا)
وقعت تايلاند في موقع حساس بين بورما البريطانية والهند الصينية الفرنسية، لكنها استخدمت الذكاء الدبلوماسي والإصلاح الداخلي لتجنب الاستعمار. قام الملك راما الخامس (تشولالونغكورن) بإدخال إصلاحات إدارية وتعليمية حديثة جعلت بلاده شريكًا موثوقًا للقوى الأوروبية بدلًا من مستعمرة. وبفضل هذه السياسة الحكيمة، أصبحت تايلاند الوحيدة في جنوب شرق آسيا التي لم تخضع للاستعمار الأوروبي.
شاهد أيضاً: